![]() |
حديث: اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم، أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حُدِّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا الأمانة إذا اؤتمنتُم، واحفظوا فُروجكم، وغُضُّوا أبصاركم، وكُفُّوا أيديكم))؛ [رواه أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي، وصححه الألباني]. المضمون: دخول الجنة. الضامن: رسول الله صلى الله عليه وسلم. أي: ((اضمنوا لي ستًّا)) من الخِصال ((من أنفسكم)) بأن تداوموا على فعلها، ((أضمن لكم الجنة))؛ أي: دخولها. 1- ((اصدُقوا إذا حُدِّثتم))؛ أي: لا تكذبوا في شيء من حديثكم؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((دَعْ ما يَرِيبك إلى ما لا يَرِيبك؛ فإن الصدق طمأنينة، والكذب رِيبة)). إلا إن ترجَّح على الكذب مصلحةٌ أرجحُ من مصلحة الصدق في أمر مخصوص كحفظ دم معصوم. فالمؤمن صادق في حديثه، لا يعرف الكذب إليه سبيلًا، ولا يزال محافظًا على الصدق في حياته، إلى أن يُفضي به صدقه إلى الجنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البِرِّ، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجلُ يصدق ويتحرَّى الصدق حتى يكتب عند الله صِدِّيقًا، وإياكم والكذبَ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا))؛ [رواه مسلم]. 2- ((وأوفوا إذا وعدتم)) الوفاء بالوعد والالتزام بالعهد، وهي سِمَةٌ من سمات المؤمنين، وعلامة من علامات المتقين، فهم لا يعرفون خلفًا في الوعود، ولا نقضًا للعهود، والوفاء صفة أساسية في بنية المجتمع المسلم؛ حيث تشمل سائر المعاملات، فالمعاملات كلها والعلاقات الاجتماعية، والوعود والعهود، تتوقف على الوفاء، فإذا انعدم الوفاء انعدمت الثقة، وساء التعامل، وساد التنافر. 3- ((وأدُّوا إذا اؤتُمنتم)) ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]؛ قال البيهقي: "ودخل فيه ما تقلد المؤمن بإيمانه من العبادات والأحكام، وما عليه من رعاية حق نفسه وزوجته، وأصله وفرعه، وأخيه المسلم من نصحه، وحق مملوكه أو مالكه أو مولاه، فأداء الأمانة في كل ذلك واجبٌ". 4- ((واحفظوا فروجكم)) أيها الرجال والنساء، عن فعل الحرام؛ لثنائه تعالى على فاعليه بقوله: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]. وفي حفظ الفروج حفظٌ للنسل، ومحافظة على الأنساب، وطهارة للمجتمع، وسلامة من الآفات والأمراض؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 5 - 7]. 5- ((وغُضُّوا أبصاركم)): كُفُّوها عما لا يجوز النظر إليه، ولغضِّ البصر فوائد عظيمة؛ فهو يُورِثُ العبدَ حلاوةَ الإيمان، ونور الفؤاد، وقوة القلب، وزكاء النفس وصلاحها، وفيه وقاية من التطلع للحرام والتشوف للباطل؛ قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾ [النور: 30، 31]. 6- ((وكُفُّوا أيديكم)): امنعوها من تعاطي ما لا يجوز تعاطيه شرعًا، فلا تضربوا بها من لا يسوغ ضربه، ولا تتناولوا بها مأكولًا أو مشروبًا حرامًا، ونحو ذلك. وكفُّ الأيدي؛ أي: عن إيذاء الناس، أو الاعتداء عليهم، أو التعرض لهم بسوء، والمؤذي لعباد الله يمقته الله، ويمقته الناس، وينبِذه المجتمع، وهو دليل على سوء الأخلاق وانحطاط الآداب، وإذا كف الإنسان أذاه عن الناس، دلَّ ذلك على نبيل أخلاقه، وكريم آدابه، وطِيب معاملته، وحظِيَ بعظيم موعود الله في ذلك، فكيف إذا سما خُلُقُ الإنسان، وعظُم أدبه، ولم يكتفِ بذلك حتى أماط الأذى عن سبيل المؤمنين وجادَّتهم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بينما رجلٌ يمشي بطريق وجد غصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشكر الله له، فغفر له))؛ [رواه البخاري ومسلم]. وفي حديث آخر، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يضمن لي ما بين لَحْيَيهِ وما بين رجليه، أضمن له الجنة))؛ [رواه البخاري]. فهذه أبواب الجنة مشرعة، ومناراتها ظاهرة، وسبيلها ميسرة، فَلْنَغْتَنِمْ ذلك قبل الفوات، ولنستكثر لأنفسنا من الخير قبل الممات، أعاننا الله جميعًا على القيام بذلك، ووفَّقنا لكل الخير. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
الساعة الآن 05:24 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com